لبثنا ننتظر، حتى إذا سكنت هزّة المفاجأة ورجعت الحياة تسير مسارها وبدأ الناس يألفون العهد الجديد أخذنا كتبنا ودفاترنا وذهبنا إلى مدرستنا، فوجدنا المدرسة قد أغلقت. لقد جنى عليها اسمها، وما كان لها من صلة بجمعية الاتحاد والترقي إلاّ صلة هذا الاسم، كما أن الجمعية لم يكُن لها مما يدلّ عليه اسمها إلاّ نصيب المدّعي الكاذب في الدعوى الباطلة:
اسمها جمعية الاتحاد، وهي التي جرّت علينا الانقسام: كانت الدول العثمانية جسداً واحداً، العرب أعضاء فيه والترك والكرد، فقطعوا الخيط الذي كان يربط أجزاءه ويؤلف بينها (وهو الإسلام)، فصار كل جزء جسداً مستقلاً، أي أنه صار مسخاً زريّاً لا إنساناً سويّاً.
وكانوا في أوربا يُشبّهون الدولة العثمانية بـ «الرجل المريض». مريض؟ نعم. إن المريض يشفى والمرض ليس عيباً، ولكنه باعترافهم رجل. وكان السلطان عبد الحميد رجلاً حقاً، استطاع