للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموج العاتي، حتى بلغنا آخر البلد ومشت سياراتنا، وتركنا الناس وهم يهتفون وتصنع بهم الحماسة صنيعها.

ولما وصلنا القريتين وتدمر كان قد جاء الأمر بالهاتف لكل منهما بالقبض عليّ، ولكن ركاب السيارة -لِماَ بقي في نفوسهم من أثر الحماسة وما فيها من روح الإسلام وسلائق العرب- وقفوا بيني وبينهم حتى بلغت دمشق سالماً.

* * *

بعد أيام من وصولي إلى الشام استدعاني وزير المعارف، وكان الأستاذ محسن البرازي رحمه الله الذي عرفته في كلية الحقوق معيداً وأنا طالب فيها، ثم انتهى به الأمر أن قُتل مع حسني الزعيم. دخلت عليه فاستقبلني مرحّباً وآنسني بالكلام، ثم قال لي: كأن هواء دير الزور لم يوافقك فهل تحب أن تستريح أياماً؟

فقلت في نفسي: أتجاهل لأعرف ما الذي يريده. فقلت: لا؛ إن هواء دير الزور وافقني جداً وصحتي بحمد الله صحة حسنة. قال: أرى أن تستريح أياماً بعد هذا السفر الطويل. قلت: لا يا سيدي، لا أحتاج إلى راحة وسأرجع في نهاية العطلة النصفية. قال وقد نزع عن وجهه القناع: بلا كلام فارغ ... ما بدهم إياك! (أي أن المستشار الفرنسي يرفض عودتي إلى الدير)، فكان ذلك خيراً أراده الله لي.

قلت: كيف أبقى هنا بلا عمل؟ قال: نمنحك إجازة مرضية. قلت: ولكني لست مريضاً. فضحك وقال: سنختار لك مرضاً ترضاه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>