ولو أن حفريات أُجريت في هذه البقعة من دمشق لظهرت أربع مدن أو خمس، بعضها مبنيّ على أنقاض بعض. وقد رأينا مثل ذلك في بابل، وفي «أور» مدينة سيدنا إبراهيم قرب الناصرية في العراق. ولمّا أرادوا إصلاح درَج الجامع الأموي من جهة الشرق ظهر تحته بناء، ولو أنهم تابعوا الحفر (ولا أشير بذلك ولا أحبّذه) لوجدوا تحت الجامع الأموي بناء آخر، كما وجدوا في الجامع الكبير في بيروت من نحو ثلاثين سنة.
* * *
كان مكتب عنبر هو الثانوية الوحيدة الكاملة في سوريا، حتى إن طلاب حلب إذا نالوا «البكالوريا الأولى» قدِموا دمشق فأتمّوا الدراسة فيه، ومن هؤلاء الأستاذ أسعد الكوراني (وكان قبلنا بسنة)، والشيخ مصطفى الزرقا (وكان بعدنا بسنة، وإن كان أكبر مني سناً)، وكان معنا رفاق من حمص وحماة وحوران، وكانت رابطة مكتب عنبر تشدهم جميعاً.
وإنّ من المدارس ما يجعل بين طلابه صلة أقوى من صلة الزمالة؛ كالأزهر في مصر، ودار العلوم، وندوة العلماء في الهند.