للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغيث (أيام الوحدة أيضاً) سنين متعاقبة، فدعوت إلى إحياء سنّة الاستسقاء، وكانت معطَّلة في الشام من زمن قديم، فتكلّم السيد مكي الكتاني الرجل الصالح النبيل، ثم تكلمت أنا بكلام لم أحفظه، لكن رأيت من أثره وأثر ما قال السيد أن العيون فاضت بالدموع والقلوب توجّهَت إلى الله بالدعاء، وكان حولنا مركز للدفاع المدني فيه بنات سافرات كنّ قبل الصلاة وقبل الخطب في نقاش مع نسائنا المتحجبات، فأبصرتهن يبكين مع الباكين ويمددن الأيدي للدعاء مع الداعين. ولطف الله بعباده، بكرمه لا بخُطَبنا، فهطلَت الأمطار بعد يوم أو يومين، حتى امتلأت العيون ورُوي الناس والحيوان وأمرعت الأرض، وكان فضل الله عظيماً (١).

عفواً أيها السادة، لقد نسيت موضوعي فتكلمت عن يوم الاستسقاء. وما أكثر الأيام التي رجعنا فيها إلى الله ذراعاً فرجع إلينا خيرُه باعاً، وما أكثر ما نسينا بعد ذلك وابتعدنا! اللهمّ دُلّنا عليك وأعدنا إليك ولا تحرمنا فضلك.

وأذّن مؤذّن نديّ الصوت فردّدَت الأقطار الأربعة أذانه، ثم اصطفّ القوم كلهم لصلاة المغرب، حتى إذا قُضِيَت الصلاة مشينا على بركة الله، نخوض ظلام الليل في طريق طويل مجهول، وقد سلّمنا أمورنا لله.

* * *


(١) سيأتي خبر لقاء العلماء مع كمال الدين حسين في الحلقة ١٥٤ وخبر صلاة الاستسقاء في الحلقة ١٥٧ والتي بعدها (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>