فراق الدنيا هو الموت فإن دنيا الإنسان الصغرى وطنه، وإن فارقه وأُخرجَ منه فقد مات الموت الأصغر.
ولكن إذا جاء الدين هان في سبيله كل شيء حتى حبّ الديار، لذلك يؤثر كل مسلم حرم الله في مكة على بلده، وإن رآه قد حاق به المكروه افتداه ببلده وآثر أن يسلم بيت الله ولو كان ثمن سلامته خراب بيته.
أمّا لكنو التي فيها ندوة العلماء فلقد حلَت صورتها في عيني لمّا رأيتها، فلما خبرتها ازدادت حلاوة على حلاوتها. ولست أدري هل الصورة التي في ذهني هي صورتها حقيقة أم هي كاللوحة الفنية، لا تصف الحقيقة كما تصفها الصورة الشمسية (الفوتوغرافية) ولكنها على ذلك أثمن منها، تُباع بالآلاف على حين لا تُشترى الشمسية بأكثر من العشرات، ذلك لأنها لا تنقل للمشاهد الواقع وحده بل تنقل إليه عواطف الذي صوّرها وخياله وأمانيه ونظره إلى الكون. وأنا لست بالمصوّر البارع الفنان، ولكني أحاول أن أصف بالقلم واللسان بعض ما يصفه بالخطوط والألوان.
ولم يرغّبني في دار الندوة جمال منظرها وحده، ففي الأرض مناظر كثيرة فيها ما ليس في لكنو من ألوان الجمال، بل لأن المثُل العليا التي يطمح البشر إليها والدنوّ منها من قديم الأزمان إلى الآن هي الحقّ والخير والجمال، والثلاثة فيها: الجمال في موقعها، والخير في أهلها، والحقّ في الغاية التي تعمل لها وتسعى إليها.
يقول الناس (ونقول معهم) إن الدعوة الإسلامية المنظَّمة