للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدأت بإنشاء جمعية الشبان المسلمين في مصر سنة ١٣٤٦هـ، وقد كنت يومئذ أحدَ الشبان الذين كان لهم شرف شهودها، والذين بقي منهم أطال الله أعمارهم الإخوة الأساتذة عبد السلام هارون وعبد المنعم خلاف ومحمود شاكر.

وإنشاء الجمعيات الإسلامية والعمل المنظَّم في الدعوة خير لأنه من باب التعاون على الخير، والله قال لنا في آية واحدة {وتعاوَنوا} وقال {ولا تعاوَنوا}: {وتَعاوَنوا على البِرِّ والتَّقْوى ولا تَعاوَنوا على الإثمِ والعُدوانِ}. وأنا لا أذمّ الاجتماع ولا آباه، ولكن الذي آباه وأذمّه هو أن يُتّبع في العمل الإسلامي أسلوب الأحزاب السياسية. ولقد كان قبل إنشاء جمعية الشبان وقبل ظهور جماعة الإخوان، كان حول الشيخ تلاميذ مرتبطون به، يعمل ويعملون غالباً على ما يُرضي الله، يمشون (إلاّ من انحرف منهم) على المحجّة البيضاء، يحسب كل من تلاميذه أنه أخصّهم به وأقربهم إليه.

فلما اتبعَت بعض الجماعات أسلوب الأحزاب وجعلوا لها رئيساً وجعلوا لها وكيلاً، وأنشؤوا لها مجالس وكانت مناصب وألقاب، ازدحموا على هذه المناصب وتسابقوا إلى هذه الألقاب، فجرّ ذلك إلى ما تعرفون من الانشقاقات والاختلافات. ثم إن بعضها مال إلى السياسة كل الميل. والإسلام لا ينفصل عن السياسة إلاّ إن انفصلت سورة الأنفال وسورة براءة (وهما في السياسة الدولية) عن القرآن، ولكن السياسة في الإسلام كمَن يرى ميدان المعركة من نافذة الطيّارة، يُحيط بصره بها وربما أدارها بالهاتف ووجّهها، ولكنه لا ينزل إلى أرضها ولا يشارك

<<  <  ج: ص:  >  >>