للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهيكل الحديدي.

وقد تركت ما كنت فيه من قيادة الطلاّب من سنة ١٩٢٩ إلى سنة ١٩٣١ وصرت موظفاً كما عرفتم. ولكن من تركتهم لم يتركوني، والوظيفة ما كانت يوماً غُلاًّ في عنقي ولا قيداً من يدي، فإذا دُعيت إلى امتطاء منبر أو امتشاق قلم أسرعت فأجبت. ولي مواقف كانت في حينها حديث البلد وشغل الناس، مات من عرفها ونسيها من لم يمُت من عارفيها، أو شغلَته عن ذكرها هموم الحياة وأحداث الدهر، فمَن كان يعمل للناس فما يلقى إلاّ مثل هذا من الناس، ومن كان يعمل لله فذاك الذي يجد المكافأة عند الله.

تركت العمل في لجنة الشباب ولكن بقيَت معي نخبة متخيَّرة منهم، أعدّد اليوم بعض أسمائهم وربما عدت غداً إلى سرد بعض أنبائهم: منهم محمود الرفاعي الذي صار من بعدُ ضابطاً كبيراً وخاض مستنقع السياسة فأوغل فيه، وكان له دور في إسقاط الزعيم، ثم مات رحمه الله في ألمانيا في حادث. ومنهم سعيد الجزائري الذي عرفَته صحف دمشق محرّراً قديماً فيها وعرفه الأدباء مخالطاً لهم ناقداً أو مشجّعاً، وقد تُوفّي رحمه الله. ومنهم إسماعيل قولي الذي صار قاضياً كبيراً وصاهر أسرة شيخنا المفتي الطبيب أبي اليسر عابدين، ثم توفّي هو وتوفّي الشيخ رحم الله الجميع.

وممّن بقي منهم صبحي النبهان، التاجر الكبير الذي تؤلّف حياته قصّة واقعية رائعة، فيها الهبوط إلى الحضيض ثم الصعود

<<  <  ج: ص:  >  >>