يُشعِل للناس المصباح الهادئ في ليل الجهل والظلم، يدلّهم على طريق الحقّ والخير حين يلقّنهم أحكام الإسلام.
إن التاريخ مليء بأخبار الفتوح؛ لقد شرّق الإسكندر حتى بلغ بفتحه الصين، وغرّب المغول وقَبيلُهم حتى وصلوا إلى روما مرة وإلى حدود مصر مرة، وفتح نابليون أوربّا، وجاء مئات من الفاتحين، جاء هتلر وجاء غيره مِمّن ظنّ أن الدهر قد سلّمه قياده وأن النصر قد مشى في ركابه ... فكان ذلك كلّه فتحاً عسكرياً يبقى ما بقي السيف أو المدفع، فإذا زال زال. أما الفتح الإسلامي فكان فتحاً للقلوب وفتحاً للعقول، فبقي أثره إلى يوم القيامة (١).
وقطع عليّ تفكيري -كرّةً أخرى- صوت المضيفة تقول: حلّوا الأحزمة فقد هبطنا في كراتشي. فهبطَت بي من سماء الذكرى والحلم إلى أرض الواقع.
* * *
(١) انظر مقالة «الفتح الإسلامي» في كتاب «فِكَر ومباحث»، وقد نُشرت سنة ١٩٣٦. وفي كتاب «أخبار عمر» مقالة بنفس العنوان نُشرت سنة ١٩٤٦، وبين المقالتين تشابه وبينهما اختلاف (مجاهد).