صدري وبصري منخفض إلى الأرض) أقول: إننا تركنا أخسّ الأمم تصعده أمامنا وتملكه من دوننا! سُمّي «الشيخ» لأن المشايخ عندنا يُعرَفون بالعمائم البيض، وهذا معتَمٌّ أبداً بعمامة من الثلج لها منه بياضه ولها طهره ولها خيره. ولقد درت مرّة بالقرى على سفحه، أخذني إليها صديق لي عبقري في الهندسة وعبقري في الرسم فنّان من طراز نادر المثال، ذهب إلى رحمة الله هو الأستاذ الضاشوالي. انظروا كتابه «المرايا»، المرايا مجموعة لوحات، مجموعة صور في لوحات «كاريكاتورية» لخمسين أو ستين (لا أذكر الآن) من رجال السياسة والأدب، كل لوحة في صفحة. لا كما تعرفون من «الكاريكاتور» بل هو نوع منه أخصّ وأسمى نادر. اطلبوه واطّلعوا عليه. وتحت كل صورة بيت من الشعر أو جملة من بليغ القول هي أيضاً صورة فنّية أخرى.
أنا -يا سادتي القرّاء- قد تلقّيت حكمكم عليّ بأني أخرج دائماً عن الموضوع وأنني أستطرد وأنا اعترفت بالذنب وقبلت الحكم، ولقد سرّني ما قرأت في «الجزيرة» للأستاذ أبي عقيل الظاهري يوم الخميس ٢٤/ ٦/١٤٠٣؛ إنه دفاع عن الاستطراد قوي مقنع من محام ذكيّ وخطيب مصقع، لكنْ ليته جاء قبل صدور الحكم عليّ، ولا بأس فإنني أستأنف.
لقد وجدت الآن أوراقاً بالية فيها مسوَّدة كتاب كتبته إلى الأستاذ الضاشوالي بعد هذه الرحلة، ولا أدري هل بيّضت هذه المسوَّدة ونقّحتها وأرسلتها إليه أم طويتها ونسيتها، أم أنا قد نشرتها بعد التنقيح، لا أذكر من ذلك شيئاً. ومهما يكن فإن فيها صورة صادقة لهذه القرى المَنثورة على سفوح جبل الشيخ