يوماً بالانتساب إلى الإخوان ولا إلى غيرهم) فاعلموا أن المحن تدريب وتمرين، وكلما تقدّم الجندي خطوة صَعُب التدريب عليه وقسا، فإذا وصل إلى أقساه فقد بلغ آية القوة وصار جندياً كاملاً. وأنتم بلغتم الغاية اليوم حين امتُحنتم الامتحان الأكبر، امتحان الدم، ونجحتم. نجحتم والله ولم تزعزع المشانقُ إيمانَ هؤلاء الإخوان ولا هزّت أعصابهم، ولقد قابلوا الموت مقابلة انحنت إكباراً لبطولتها وعظمتها هاماتُ الرجال في كل مكان.
واذكروا أن الشيخ الإمام حسن البنا رحمه الله كان قد أنذركم أنها لا تزال أمامكم مصائب شداد واختبارات صعاب، وقد أقدمتم عليها وأنتم عارفون بها. والعاقبة لكم، إنها واللهِ لكم لأنكم تمشون على هدي الإسلام، المستقبل لكم فلا تزعزعكم الأحداث ولا تفتنكم عن إيمانكم، على أن تبقوا صفاً واحدا لا تُفرّق بينكم الدنيا ولا يقسمكم النزاع على الزعامات، وأن تجعلوا إمامكم دائماً كتابَ ربكم.
وبعد، فيا أهل الشهداء الصبرَ الصبرَ. إن دموع العالَم الإسلامي كله قد مازجت دموعكم، وقلوبَهم جميعاً قد قاسمت الأسى قلوبَكم، وكلهم أخ لكم وصديق، ومأتمكم صار مأتم دنيا الإسلام كلها، والله معكم والله خير من الجميع. وهنيئاً لمصر، فقد كان للشام جمال دَعَوه -حقاً أو باطلاً- بالسفّاح، فصار لكم جمال هو «السفّاح» حقاً.