للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولست أدري كيف يلبس هؤلاء الجند ويحملون شارة العسكرية، وما سلكوا سبيل البطولة ولا استنّوا بسَنَن الفروسية عند الفرسان. الفارس مَن يبارز خصمه في الميدان وينازله مسلَّحاً، أما الذي يُبدي البطولة والخصمُ أعزل مقيَّد، وحوله الرهط من الأنصار وخصمه مفرد، فهذا ليس من الفروسية في شيء.

إن هؤلاء الإخوان قد مضوا شهداء أبراراً ونالوا مجد الدنيا وحسن ثواب الآخرة، فارتقبوا أنتم ماذا تنالون في دنياكم وأخراكم؟ (أعود فأذكّر أن هذا الكلام نشر سنة ١٩٥٤).

وبعد، فهذا هو العالَم الإسلامي كله يلبس اليوم ثياب الحداد ويجلس للعزاء، ما خرج على هذا الإجماع إلاّ النفر الذين غضب الله عليهم من أعوان الظالم، ومن مشايخ السوء في مصر الذين أصدروا ذلك البيان المحشوّ كذباً وافتراء ونفاقاً وتحريفاً للآيات عن مواضعها.

لقد سمعنا من قديم أن الثورة كالقطة تأكل أبنائها، وهذي ثورة فرنسا شاهد على ما أقول وهذه أحداثها تنطق بها كتب التاريخ، وما وقع فيها سيقع في أمثالها: الذي جاء بالمقصلة قُطع رأسه بها، والذي نصب المشانق عُلّق عليها، والذي أوقد النار كان لها حطباً، ولَنار الآخرة أشد نكالاً وأبقى. والثورة الفرنسية لم تقتل متعمّدة أفذاذ العلماء ولم تعرض لدعاة الخير، وكانت ثورة أمة على عصابة آثمة، لم تكن ثورة عصابة آثمة على أمّة كاملة فُجعت بحريتها وكرامة أبنائها.

أما أنتم ياأيها الإخوان المسلمون (وأذكر أني لم أتشرف

<<  <  ج: ص:  >  >>