للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَن يلحق بي وأخاف أن أضيع عنهم. فوقفوا معي وخبّروني أن في هذه البرّية وحوشاً خطيرة وأن فيها أشقياء فارّين من العدالة فهم يتعقّبونهم، فلو أدركَني وحش من الوحوش أو شرّير من هؤلاء الأشرار لقضى عليّ.

فتنبّهت كالذي يصحو من منام، وإذا أنا أسير وما معي سلاح وليسَت لي معرفة بالطريق، وقد ابتعدت عن البلد بُعداً كبيراً.

وقفت معهم حتى وصلَت السيارة، فنزل منها الشيخ أمجد رحمه الله والشيخ الصواف ومعهم جماعة. وكان من عادة الشيخ الصواف أنه يكلّمني بلطف ويعاملني برقّة، فثار عليّ ثورة هائلة، فتصوّروا الشيخ الصوّاف بصوته العريض وحماسته المشتعلة وماآتاه الله من بسطة في الجسم يُقبِل بذلك كلّه عليّ أنا!

وسكتّ على غير عادتي إقراراً مني بأن الحقّ معه، وتبيّنت بعد أن هدأَت الأمور كيف أضاعوا هذا الوقت كله في التفتيش عليّ في طرق البلد وسخّروا لذلك الشرطة والشباب وكلّ من يعرفون من الناس، حتى لم يَدَعوا موضعاً قدّروا أنني أكون فيه إلاّ ذهبوا إليه فلم يجدوني.

لم يخطر على بال أحد منهم أنني مشيت وحدي في هذا الطريق وابتعدت عن البلد ثلاثين كيلاً (كيلومتراً) كاملة.

هذا بعض ما بقي لديّ الآن من ذكريات زيارتي للموصل وإربل.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>