للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هؤلاء كثوب أبيض به بقع من الزيت والطين والأوضار، فأنا أشير إليها وأدلّ عليها لتُزال فتعود بيضاء نظيفة، أو لئلاّ يصيب صاحب الثوب النظيف بقع مثلها. وربما كان في الناس مَن ثوبُه كله وضر وزيت وطين ما فيه بقعة بيضاء نظيفة، فلا يفيد معه الإشارة إلى وسخ ثوبه ولا إلى بيان عيبه، لأن الثوب كله أوساخ وهو كله عيوب.

أعود إلى حديثي. قلت إن الفرنسيين كانوا أشدّ عناية بلغتنا وأحرص عليها ممّن جاء بعدهم. وهذا حقّ، ولكن ليس الفضل لهم فيه وإنما لأولئك الغُيُر (جمع غيور) على العربية الذين كانوا يدفعون الفرنسيين إلى العناية بها ويخوّفونهم عواقب إهمالها، وكانوا يصنعون ذلك حباً بها ودفاعاً عنها وحفاظاً على القرآن الذي أُنزِل بها. من أمثال سليم الجندي وعبد القادر المبارك ومحمد البِزم وعبد الغني الباجِقْني، وطبقة بعدهم من أمثال ياسين طربوش وعبدالرزاق الباجقني، وإخوان لهم وأقران لا أُحصيهم الآن.

ورفيقنا سعيد الأفغاني الذي تسلّم أمر العربية في جامعة دمشق أكثر من ربع قرن، فكان له ولمن معه عمل ظاهر في الدفاع عنها. حتى إنه ألزم الطلاّب (وفيهم غير المسلم) دراسة القرآن باعتبار أنه كتاب العربية وهم يدرسون العربية، وأنه النص الأوّل الذي يُعتمَد فيها عليه ويُرجَع إليه.

ثم جاءت طبقة جديدة من تلاميذه كان منها راتب النفّاخ الذي بلغ بالعلم بالعربية مرتبة ما نالها إلاّ قليل، ومازن المبارك، وعاصم البيطار، ومن قبلهم عبد الرحمن الباني، ومعهم أو من

<<  <  ج: ص:  >  >>