للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما كان من أربعين سنة، فما الذي يدهشه في أوربا حين يذهب إليها الآن؟ ما الذي يجده فيها ويفتقده في الرياض؟ ربما كان فيها ما هو أكبر في الحجم وكان فيها ما هو أكثر في العدد وكان فيها ما هو أتمّ أو أكمل في الوضع والترتيب، لكن لم يبقَ فيها شيء لا نعرف مثله أو مشابهاً له في بلادنا.

بل إن عندهم ما ينزل عن الحدّ الوسط مما هو الآن عندنا. لقد وجدت في بون لمّا زرتها بيوتاً ما فيها حمّامات كالتي تجدونها هنا في كل منزل، ما فيها إلاّ مرحاض صغير بين الغرف، فإذا أرادوا الاغتسال ذهبوا فاغتسلوا في فندق أو حمّام عامّ! لم أجد فيها عمارة كبيرة وإنما هي البيوت الصغيرة القديمة ذوات السقف المائل من القرميد ينامون تحته، فإذا وقفوا ودنوا من الشارع كادت رؤوسهم تلصق بالسقوف. ولست أفضّل العمارات الكبيرة على هذه البيوت الصغيرة، بل الفضل لهذه البيوت ولكني أصف الآن ما رأيت.

وبون كأكثر المدن المجاورة لها: كولن وآخن ودوسلدرف، كلها كانت إلى الحرب الثانية من المدن الصغار. بون العاصمة كانت بُلَيدة، أما «باد كودْسبرغ» التي فيها الحكومة والسفارات (وهي عاصمة العاصمة إذا صحّ القول) ما كانت إلاّ قرية أو ضاحية من الضواحي.

وكلمة «باد» التي تنتهي بها أسماء كثير من المدن في ألمانيا أصل معناها -كما فهمت- المكانُ الذي فيه الماء المعدني الذي يُغتسَل فيه، أي أنها بمعنى الحمّام. كما أن كلمة دام التي نراها

<<  <  ج: ص:  >  >>