للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هولندا (أمستردام، روتردام، فولندام) معناها سد، لأن تلك البلاد تُعرَف في أوربا بالأراضي المنخفضة، لأنها منخفضة عن سطح البحر أو مساوية لها، فهم يُقيمون سداً (دام) ويُلقون الأتربة خلفه فيأخذون من البحر أرضاً! ورأيت مثل هذا في بومباي في الهند في شارع سي فيس، أي شارع السِّيف، أي سيف البحر. بل إنكم ترون مثله في جدة؛ لقد كان القصر من عشرين سنة قريباً من البحر (١) فانظروا الآن كم بَعُدَ عنه؟ حتى صارت شوارع الكورنيش (أي السِّيف، بكسر السين) فرجة للنفس ومسرّة للبصر ومَراحاً للأرواح.

ومن يذهب إلى أوربا الآن لا يجد زائداً عما عنده إلاّ كماليات نستطيع أن نعمل مثلها، فأضواء المرور الأحمر والأخضر والأصفر تجدون عندهم تحتها أرقاماً كهربائية متحركة، من مشى عليها لم يجد أمامه ضوءاً أحمر. وكنت أعجب حين أركب مع بعض الشباب فنصل إلى الإشارة فلا نراها إلا خضراء، لا نقف أبداً، فلما سألتهم قالوا: إن هذه الأرقام الكهربائية المتحركة تحدد للسرعة حداً، فالسائق الذي يسير عليه لا يقف أبداً.

وفي محطات النقل الجماعي لوحات كهربائية فيها أرقام متحركة تخبرك كم بقي على وصول الحافلة (الأتوبيس)، وفي محطات القطار صناديق للحقائب مفاتيحها عليها، لكن لا تُسحَب


(١) يريد قصر الحمراء الذي يقع اليوم على شارع الأندلس في جدة، وقد أدركته أنا يوم كان البحر أمامه ليس بينهما إلا شارع ضيق، وذلك قبل ربع قرن أو يزيد (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>