منها حتى جعلوها جوهرة تاج مُلكهم وأغلى ممتلكاتهم، وبنوا فيها بناءَ من يعيش فيها أبداً لا من يظنّ أنه سيخرج منها غداً؟ ما كنّا نظنّ ولا يظنّ أحد (مهما حسن به الظنّ واتسع له أفق التفاؤل وزاد به الأمل) أنه سيرى الإنكليز خارجين من الهند. لقد حسبوا -كما يحسب خنازير البشر الإسرائيليون الآن- أنهم باقون فيها إلى الأبد وأنهم مانعتهم حصونهم من الله، ونسوا أنه لا يمتنع على قدَر الله أحد.
الهند وكندا وأخواتهما، التي سرقَتها إنكلترا من أصحابها وضمّتها إلى أملاكها، هي التي جعلَت منها بريطانيا العظمى. وإلا فما بريطانيا؟ إن سكوتلندا تتبرّأ منها وأيرلندا كانت ولا تزال حرباً عليها، حتى ويلز ليست منها ولا شعبها شعبها ولا لسانها لسانها. فهل بقي إلاّ لندن وبقعة من الأرض صغيرة من حولها؟
حتى هذه، حتى الإنكلو والسكسون، التي دُعيَت نسبة لها إنكلترا (أي أرض الإنكل) هما قبيلتان جرمانيّتان استولتا على هذه الأرض بلا حقّ مشروع ولا نصر مؤزّر، بل بأسلوب هو أقرب إلى الحيلة والغدر. فما هي إنكلترا؟ وكيف ملكَت الهند؟ ضفدعة تلتهم ثوراً! لقد قالوا قديماً: إن للضفادع مثل صوت البقر ولكنها لا تجرّ المحراث.
كيف استعمرَت الهند؟ هل تعرفون كيف ملكت الهند وكيف سيطرَت عليها؟ لقد كان ذلك كما يسيطر المرض على الجسم، المرض الذي يصرع البطل القوي حتى يلقيه جسداً بلا حراك. بل الذي يصرع الفيل والأسد إن استطاعت جرثومته (جرثومة الشيء: