الأحاديث في المجالس ولكن كُتبت عنها مقالات في الصحف، بعضها معي وكثير منها كان عليّ.
وكنّا في عهد توثّب ونشاط، فما يحدث حادث ولا تُقال كلمة على منبر أو تُنشر في صحيفة إلاّ تبادرت الأقلام إلى التعليق عليها. وكان ممّن ردّ عليّ اثنان: أحدهما كان في منصب كبير في المعارف يضرّ به وينفع، والآخر كان شيخاً من مشايخنا الذين كنت أُجِلّهم لعلمهم وإحاطتهم باللغة، وقد أثنيت عليه فيما مضى من هذه الذكريات بأنني استفدت منه وتخرجت عليه، ولكنني لم أكُن أرتضي سيرته مع الحكام، ولطالما سخّرت قلمي الذي مدحته به لعلمه، سخّرته للهجوم عليه في سلوكه. وممّا كتبت هذه المقالة في «الرسالة» بعنوان «الوظيفة والموظفون».
ولكل كاتب من الكتّاب طريقة يُعرَف بها وتُعرَف به، ولكن يظهر على كتابته أثر ما يشغل ذهنه أو يطالعه حين الكتابة. وكنت أيام كتبت هذه المقالة عاكفاً على قراءة رسائل أئمة البيان من الأدباء الأوّلين من لَدُن الجاحظ إلى عمرو بن مَسعدة إلى عبدالقاهر الجرجاني، لذلك ترون أثر هذه المطالعات في أسلوب هذه المقالة. ولن أذكر كل ما قلت فيها ولكن أنقل فقرات منها، ومَن أراد أن يراها وجدها في مجلّة «الرسالة» في العدد (١١١) الصادر يوم الإثنين في العشرين من جمادى الأولى سنة ١٣٥٤هـ (١). قلت له فيها: