الرسّام المشهور أستاذنا عبد الوهاب أبو السعود، مثّل روايات جَمّة مترجَمة، وكان ينافسه العطري. وممّا مُثّل يومئذ رواية كانت لها ضجّة كبيرة عنوانها «لولا المحامي».
* * *
واظبنا على المدرسة الأمينية نجتمع فيها بعد صلاة الجمعة أكثر من ثلاثين سنة تبدّلَت فيها الدنيا وتغيرَت الأرض ومن عليها، والشيخ شريف كما هو ما تَبدّل ولا تَغير؛ ماتت أساليب في التربية واستُحدثَت أساليب، وهو ثابت على أسلوبه الذي أَلِفَ. انفضّ التلاميذ من حوله حتى اقتصروا على أربعين، ثم على عشرين، ثم على نفر معدودين، ثم لم يبقَ عنده تلميذ واحد، ولكنْ بقي الشيخ شريف يأتي كل يوم من الصباح ويبقى -على عادته- إلى ما بعد صلاة العشاء، وربما كان يقرع الجرس في موعد الدروس وموعد الفرص، والمدرسة خالية ما فيها أحد!
وللشيخ شريف في شدّته نوادر عجيبة أسوق واحدة منها: جاءه مرّة والد أحد التلاميذ يطلبه لضرورة، فأبى الشيخ أن يُخرِجه حتى ينتهي الدرس. فاحتجّ الأب وسخط ورفع صوته وقال: لقد أخرجت ولدي من المدرسة فما شأنك به؟ وكان الوالد تلميذاً قديماً للشيخ، وكان تاجراً له دكّان عند باب المدرسة، فلم يمنع الشيخَ شريف كِبَرُ سنّ هذا الوالد ولا أنه صار تاجراً موسراً ولا أنه صار أباً لأولاد، لم يمنعه ذلك أن يأمر بإلقائه على الأرض وأن يضع رجليه في الفلق، وأن يضربه أمام التلاميذ!
كان اجتماعنا في المدرسة بعد الصلاة ضرورة لا أستطيع