الأموي وفي جوّه الروحيّ، نجلس في حلقاته ونستمع إلى علمائه، ونقوم في صفوف المصلّين، نركع مع الراكعين ونذكر مع الذاكرين.
فجئت الآن إلى هذه المدرسة في لحف الجبل أمام جامع الشمسية، وقد مات الاستقلال ودُفن في ميسلون، وخُنقت الأناشيد في الأفواه، وأصاب الناسَ اكتئابٌ فكأنهم في مُصاب.
وبعد أن كانت الشام مع لبنان والأردنّ ولاية من ولايات بني عثمان، ثم صارت جزءاً من المملكة العربية التي أرادها الحسين بن علي لمّا قام بثورته (أو بنهضته، فلست أدقّق الآن في الأسماء)، بعد هذا كله صارت الشام -لمّا دخلها غورو- أربعَ دول: دولة دمشق، ودولة حلب، ودولة العلويين، ودولة الدروز!
انهار البناء الضخم الذي أقمناه من أمانينا وآمالنا، وهوت الدولة العربية التي نفخنا فيها من أرواحنا وسقينا شجرتها من دمائنا، وهبطنا من ذروة الأمل الكبير إلى حضيض الواقع المرير.
لم يبقَ شيءٌ من الدّنيا بأيدينا ... إلاّ بقيّةَ دمعٍ في مآقينا