للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس ساعة بزوغها من وراء الأفق الشرقي البعيد وتودّعها قبل أن تنزل من خلف الجبل فلا نحضر وداعها كما حضرنا استقبالها، وهذا من النعم لأن الاستقبال لذّة والوداع ألم.

وهذه هي الدنيا: علوّ وانخفاض، وقوة وضعف، نهار مضيء بعده ليل مظلم، وشتاء باكٍ بالمطر بعده ربيع ضاحك بالزهر؛ لا يدوم على حال إلاّ الكبير المتعال، ثم تذهب الدنيا ويذهب هذا كله معها، ولا يبقى للإنسان إلاّ إحسانٌ قدّمه يرجو ثوابه أو عصيانٌ يخشى عقابه، إلاّ إذا مات على الإيمان وأدركَته نفحة من عفو الرحمان، واللهُ {لا يغفِرُ أن يُشرَكَ بهِ ويغفِرُ ما دونَ ذلك لِمَنْ يشاءُ}.

اللهمّ اجعلنا ممّن تشاء له المغفرة يا رب.

* * *

المدرسة التي انتقلت إليها هي «أنموذج المهاجرين» كما كانت تُسمّى، أو مدرسة طارق بن زياد كما تُسمّى الآن. ما تبدّل شيء فيها إلاّ أنهم زادوا في غرفها ووسّعوا مساحتها، وأنها (وهي في الجادة الثالثة) لم يكُن فوقها إلاّ جادتان فبلغت الجادات اليوم أكثر من عشر، بل لقد صعد الناس في الجبل وُفتحت الشوارع العِراض حتى بلغت الصخر، ثم التفّت من حوله حتى وصلت إلى الذروة، وكان فيها «قبة النصر» وكانت علم دمشق، فهُدمت أيام الحرب الثانية، وفي مكانها اليوم محطة الرائي (التلفزيون).

وكانت الضباع في تلك الأيام تنزل في الشتاء حتى تجول بين البيوت فيخاف منها الناس، فلما صعد الناس خافت فهربت

<<  <  ج: ص:  >  >>