إلى الدعوة إلى الله في هذا العصر بألسنتهم وبأقلامهم وبصحفهم، أمثّل لهم ولا أستقريهم، منهم: محب الدين الخطيب، ومحمد رشيد رضا، وقبلهما الشيخ محمد عبده، ومنهم المشايخ الذين أخذ عنهم حسن البنا العلم أو «الطريق»، ولكن الله ادّخر له هذه المَكرُمة ليفوز بها وليكون ثوابها في صحيفة حسناته، وأمدّه الله بقوّة الإيمان وحُسن الخلق ونفاذ الفكر وطلاقة اللسان حتّى كان ظهورها على يديه.
عرفت الشيخ حسن البنا وهو شاب مغمور لا يمتاز من أقرانه الشباب، وعرفته وقد أوفى على الغاية وبلغ الذروة وصار أقوى رجل في مصر؛ صار إمام الشباب وعَلَم البلد، فما تبدّل عليّ ولا بدّلت أسلوبي معه. كنت أكلّمه خالياً كما كنت أكلّمه لمّا عرفته أول مرّة في المطبعة السلفية، فإذا كنّا أمام الناس كلّمته كما ينبغي أن يُكلَّم مثله (١).
ولئن أبطأ وصول الدعوة إلى طلاّب العراق فإن لذلك أسباباً: منها وجود العدد الكبير من اليهود بين الطلاّب: أمامي الآن ستّ قوائم رسمية بأسماء طلاّب الشهادة الثانوية الذين كنت أدرّسهم في تلك الأيام، ثلاث منها للشُّعَب الأدبية وثلاث للشعب العلمية، في كل شعبة نحو ثمانية وثلاثين طالباً. لو كنتم تسمحون لي لسردت أسماءهم لتعرفوا نسبة الطلاّب اليهود في
(١) تجدون في مقالة «طرق الدعوة إلى الإسلام» في كتاب «فصول إسلامية» حديثاً وافياً عن الشيخ حسن البنا وعن دعوته (مجاهد).