للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(التلفزيون)، وما كان يظنّ أحد أنه سيكون، وكانت في دمشق -كما قلت- سينما واحدة للدعاية الحربية، هي التي كانت في موضع المجلس النيابي، ثم أُنشئت داران للسينما حقيرتان، «الزهرة» أمام بناية العابد ثم «النصر» في سوق الخيل، لا يدخلهما إلاّ سَفَلة الناس، وكانتا صامتتَين لأن السينما الناطقة لم تكُن قد عُرفت.

فكان من أراد لهواً قرأ هذه القصص الشعبية التي أشرت إليها عند الكلام عن المدرسة الجقمقية، وكان أسوأ كتاب يُضرَب بسوئه المثل ولا يكاد يوصَل إليه هو كتاب «رجوع الشيخ إلى صباه»، وهو إن قيس ببعض القصص المترجَمة التي تُباع في كل مكان وبما فيها من وصف الفسوق والعصيان، إن قيس بها كان بالنسبة إليها «كتاب أخلاق».

ولو حدّثتُكم عن الكتب التي قرأتها وأنا في تلك السن، وأنا تلميذ في السنة السادسة الابتدائية لما صدّقتم. وكنت أمضي يومي (إلاّ ساعات المدرسة) في الدار، لا أجد ما أشغل به نفسي وأملأ به فراغ حياتي إلاّ القراءة، فإذا أنا أكملت كتابة «وظائفي» ومطالعة درسي مددت يدي إلى المكتبة (وكانت لدينا مكتبة حافلة) فأسحب كتاباً فأفتحه فأنظر فيه، فإن لم أفهمه (أو فهمته لكن ما أسغته) أعدته إلى مكانه وقد رسخ في نفسي اسمه واسم مؤلفه، وإن أعجبني قرأته. وكان الذي أقرؤه يُنقَش في ذاكرتي نقشاً لا تمحوه الأيام. وحديث المطالعات سيأتي مفصلاً إن شاء الله.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>