للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد طبّقت هذه وتلك في مواقف كثيرة، لو أنني عرضتها مفصلة لملأت ثلاثاً من حلقات هذه الذكريات. وكل إنسان في الدنيا مُعرَّضٌ يوماً لمعركة أو خصومة، فردية أو جماعية، فأنا أنبّه الشباب إلى أمر هو أن الإنسان يتردّد عادة ثواني معدودة قبل أن يقرّر ماذا يفعل إذا رأى الهجوم عليه، فبمقدار ما تكون لحظات التردّد قصيرة يكون المرء أقرب إلى النصر. ولقد استفدت كثيراً من هذه السرعة في القرار.

ولا تظنّوا أنني أمضيت حياتي أصاول الأبطال أو أقاتل الرجال، فأنا بعيد عن المشكلات، ولكنني قد أتعرض لها فينبغي أن يكون تحت يدي السلاح الذي ينجيني من عقابيلها.

ورُبّ سائل يسأل: ما حكم الملاكمة شرعاً؟ ولماذا تعلّمتها؟ والجواب أن الظلم حرام والتعدّي حرام، وأن دفع العدوان جائز، على أن يكون بأيسر الطرق لا بأعسرها وبأهونها لا بأشدّها، وأنّ ضرب الوجه منهيّ عنه، وفي الحديث أن النبي ‘ رأى رجلاً يضرب عبده على وجهه فنهاه وقال له: «إن الله خلق آدم على صورته» (أي أن صورة هذا العبد هي الصورة التي خُلق عليها آدم، فكان التعدّي عليها إساءة إلى أولاد آدم جميعاً. ومن الناس من يروي جزءاً من الحديث ويفهمه فهماً ربما أوصل إلى الكفر، إذ يعيد ضمير «على صورته» إلى الله، ومن اعتقد أن لله صورة فقد كفر) (١).


(١) انظر تفصيل هذا الإيجاز في الجزء الثاني من «فتاوى علي الطنطاوي»، ص١٦ (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>