الفنية العامة: العتابا، والميجنة، والأبوذية، والنخلتين في العلالي اللتين صار بلحمها دوا، والعطاش الذين ينادي المنادي دائماً يدعو إلى سقياهم «اسق العطاش تكرما» ...
أغانينا في الشام التي انبثقت من كل نبع يتفجّر من وراء الصخرة في لحف الجبل، ثم ينحدر متقلباً في أحضانه، ثم يسبح في بركة على سفحه، ثم يهيم مع السواقي الضائعة في الأودية المسحورة، يغسل أرجل الدوح في الغاب، سهوله وسوحه، لا يعرف أحد مبتداها ولا يمكن أن يعرف أحد منتهاها.
وقد تَذيع أغانٍ حتى يُظَنّ أنها من هذا الفن الشعبي (الفلكلور) وما هي منه، كأغنية «يا مال الشام»، فشرط الفلكلور أن لا يُعرَف مؤلفه ولا ملحنه وهذه أغنية ألّفها ولحنها أبو خليل القباني.
* * *
وأنا ما جئت اليوم أتكلم عن هذا الدير الذي أُلِّفت فيه وفي الأحبة من ساكنيه الأغنية التي افتتحت بها المقال، ولا عن الأديِرَة التي تحدث عنها ياقوت وأورد بعض ما قيل فيها من بارع الأشعار، يوم كان الدير مهوى أفئدة الشعراء الفسّاق والفتية العشّاق، لا يؤمّونه لعبادة وتبتّل، بل يؤمّونه للهو البريء منه والمتهَم.
الدير الذي أقصده هو دير الزور؛ المحافظة السادسة في سورية بعد محافظات دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية، المحافظة التي كانت أيام الفرنسيين منفى لكل مغضوب عليه من