للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطلبت إليه أن يُعيد ما كان قد أخذه من الأجرة. فوعد بذلك، وهو رجل ثقة أمين، ولكنه تأخّر عن السداد فلم يكن مني إلاّ أن بلّغتُه العزل وسلكت معه الطرق القانونية.

وأشهد أن الشيخ موسى (وربما عدت للحديث عنه) من أفضل مَن عرفت من الرجال، وكان في الثورة السورية هو الذي يتولّى إمداد الثوّار بالخبز، وكان موضع ثقة الجميع يأتمنونه على أموالهم وعلى أسرارهم، ولم يقع منه في هذه الوصاية خيانة (معاذ الله) ولا تقصير متعمّد، ولكنه عَجْزٌ منه وسوء تقدير مني لمّا ظننت أنه في شيخوخته يقدر على ما كُلِّف به.

وانقضت القضية بحمد الله بسلام، لم أؤذِ الرجل في شعوره وحفظت له كرامته، ولم أضيّع ذرة من حقّ القاصرة، وذلك من توفيق الله فله الحمد عليه.

* * *

كنّا في أيام الجامعة وحين تُستحَبّ الراحة نذهب إلى يَبْرود، ويبرود قريبة من النبك، وهي أجمل منظراً وأكثر ينابيع وعيوناً. وكان فيها متنزّه يُسمّى قرينة يؤمّه الناس، فذهبت في آخر أيامي في النبك إليه فوجدت مستأجر القهوة فيه (وكان قديماً من تلاميذي، وهو من أسرة مشايخ صالحين) وجدته يقدّم فيها الخمر، فدعوتُه ونصحته، فقال إن لديه رخصة من الحكومة، فبيّنت له أن حكومات الأرض جميعاً لا تملك أن ترخّص في أمر حرّمه الله ومنعه. فلم يسمع، فأثرت الخطباء وراجعت المسؤولين حتّى أزلت هذا المنكر وطردت المستأجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>