مقالات لي (كنت أكتبها في جريدة «النصر» أولاً ثم في جريدة «الأيام»، كان عنوانها «كلّ يوم كلمة صغيرة»، جمعت طائفة منها في كتاب لي اسمه «مقالات في كلمات»، نفدَت طبعتُه من زمان بعيد وربما جدّدَتها دار المنارة التي طبعَت هذه الذكريات، وضاعت طائفة منها وبقيَت عندي طائفة لم تُنشَر في كتاب)(١)، ليس فيها تاريخ، بل ليس فيها اسم الجريدة التي نشرتها، ففرحت بها لأنني وجدت ما أتكئ عليه وأستند إليه.
* * *
هذه قطعة وجدتها كتبت فيها كلمة يوم مات الشيخ عزيز، لا أحسب أن في قرّاء الجريدة المنتشرين ما بين منكبَي الأرض من اطّلع عليها، وإن كان قد اطّلع عليها فما احتفظ بها ولا وعتها ذاكرته، لأنها نُشرت من أكثر من ثلث قرن في جريدة دمشقية لا تكاد تجاوز حدود الشام، فلا بأس عليّ إذن إن أنا أدرجتها هنا بحروفها لم أبدّل شيئاً فيها. قلت يوم مات الشيخ عزيز:
أَحَقٌّ ما نَعى النّاعي؟
أحقٌّ أن الرجل الذي كان ملء الأبصار وملء الأسماع وملء القلوب قد اختفى إلى الأبد، فلن تراه بعد اليوم عين ولن تسمعه أذن، ولن ينعم بلقياه قلب؟ أحقّ أنّ الرجل الذي تسلسلَت
(١) من هذه التي لم يضمّها الكتاب اخترتُ مجموعة صالحة للنشر صدرَت جزءاً ثانياً من «مقالات في كلمات»، أصدرَته دارُ المنارة عام ٢٠٠٠، ومن قبله أعادت طباعة الجزء الأول من الكتاب (مجاهد).