للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلواني، واقتسمنا الأعمال الإدارية بعد أن اتفقنا على منهج العمل وعلى خُطّة السير.

كانت الغاية واحدة، ولكن كلاًّ منّا يختار الطريق الموصل إليها بما يوافق سرعة خطوه وطبيعة نفسه؛ أنا كنت أقرب إلى الصراحة والشدّة، بل إلى العنف أحياناً، وهو أقرب إلى اللين وإلى اللطف. أضرب لكم مثالاً:

جاءنا على عهد الشيشكلي رحمه الله ضابط كبير يريد أن يتزوّج امرأة من دمشق، فلما نظرت في أوراقه تبيّن لي أنه درزي، فحاولت أن أصرفه بما أقدر عليه من اللطف واللين وهو يُصِرّ، ثم رفع صوته وقال: نحن نفدي الوطن بأرواحنا وندافع عنه بحياتنا، فهل نحن مسلمون أم لا؟ فلم يبقَ مجال للمجاملة فقلت له: إذا لم تُمْحَ هذه الكلمة من أوراقك ولم يُكتَب مكانها كلمة «مسلم» فلا أستطيع أن أعتبرك مسلماً وأن أُزوّجك بها.

قذفتها في وجهه قذفة واحدة. إلى متى أصبر؟ فلم يكن منه إلاّ أن ستر غضبه بالضحك، وقديماً قالوا: «شرّ البلية ما يُضحِك». قال: ولكن القاضي الشيخ مرشد يقول غير ذلك. فتنبّهت إلى أنها إحدى هِناته وأنه يريد أن يهرب من هذا المأزق فرماني أنا فيه، فقلت أردّ كُرَتَه إليه كما يكون في الملعب. وقلت للرجل: إن الذي قال بأن الدروز غير مسلمين هو جدّ الشيخ مرشد، وهو ابن عابدين في كتابه الذي يُرجَع في الفتوى إليه وهو الحاشية المعروفة. فاذهب إلى الشيخ مرشد وقل له أن يمحو هذه الكلمة من كتاب جدّه أو أن يدبّر هو الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>