للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القديم ثم انتقلت إلى الجديد، بدأت بالمنفلوطي الذي كان الأستاذ لنا والقدوة الذي نقتدي به في الإنشاء، وإن لم ألقَه ولم نعرفه، ثم للعقاد والمازني والرافعي والزيّات وحسين هيكل وصادق عنبر، وقرأت أجمل صفحات الأدب الأخرى: أما الفرنسية فأخذتها من نبعتها وقرأتها بلغتها يوم كنت أعرفها وكنت متمكّناً منها، وإن لم أكُن من المتقدّمين بين رفاقي بمعرفتها. وأمّا الآداب الأخرى فقرأت ما تُرجم إلى العربية منها، ومن أحسن ما أفادني ما تُرجم للمنفلوطي فكتبه بقلمه (وإن خرج به عن أصله)، وبعضه كقطعة تأبين فولتير لفيكتور هيغو يعتبر نموذجاً كاملاً للأسلوب الخطابي، لأن هيغو كان أسلوبه خطابياً وكان بارعاً فيه متقِناً له، وكذلك كان المنفلوطي. وأحسب أن فيكتور هيغو لو عرف العربية وكتب هذه القطعة بها لَما جاء بأحسن ممّا جاء به المنفلوطي.

أما «العبرات» التي حاول المنفلوطي أن يجعل منها قصصاً فلولا جمال أسلوبها ما كان لها في ميزان الأدب الحقّ ثقل، ذلك لأن الأم التي ترتفع حرارة ولدها وليس عندها أحد، فلا تدري ماذا تصنع له، فيتقطّع قلبها شفقة عليه وحُباً له ... وصف هذه الأم أصعب بمئة مرة ممّا ذهب إليه المنفلوطي، وهو أن يجعل الولد يموت فتموت من حزنها عليه الأم، ويأتي الأب فيفاجأ بالخبر فيُصعق فيموت، ويموت الجيران ويموت أهل الحارة، ويكون وباء عاماً. هذا الذي تشتمل عليه «العبرات»!

ومن أجود ما تُرجم إلى العربية من آداب الأمم الأخرى «رافائيل» للامرتين و «آلام فرتر» التي ترجمها الزيات، ثم روايات الجيب. روايات الجيب هذه إن طرحتَ منها حكايات أرسين لوبين

<<  <  ج: ص:  >  >>