للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به أبوه وجدّه وعمّته وجدّته، وكانوا هم والأمّ سكّانَ هذه الدار. ولّدَتها قابلة (داية) الحيّ، ولم يكُن في دمشق يومئذٍ قابلات كثيرات يحملن شهادة، ولم يكُن يُولّد النساءَ طبيبٌ، ولا يجوز في دين الله إلاّ أن تكون «ضرورة» أو «حاجة» تشبه الضرورة ولا يكون ثمة طبيب أنثى.

والعجيب حقاً أني لا أذكر عن هذا الحادث شيئاً.

بل أنا -لضعف ذاكرتي- لا أعرف كيف كان شعوري لمّا خرجت من عالَمي الصغير، وهو بطن أمي، إلى هذه الدنيا الواسعة. ولا أعرف كيف سيكون شعوري عندما «أولَد» مرة ثانية فأخرج من «بطن» هذا العالَم الأرضي إلى سعة عالَم الآخرة.

تلك الولادة يسمّيها الناس موتاً لأنهم لا يعرفون من الوجود إلاّ هذه الدنيا. ولو كان في البطن توأمان، فسبق أحدهما بالخروج وسُئل الثاني عنه لقال -أيضاً- إنه مات ودُفن في أعماق الأحشاء! فهل تتشابه الولادة والوفاة، أم هي خيالات أديب؟

قلت لكم إني لا أذكر هذا الحادث، ولكن رأيت خبره على باطن جلدة «المصباح المنير»، وهذا نصّ الخبر: "رزقنا الله فجرَ يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة ١٣٢٧ غلاماً سمّيناه علياً. كتب ذلك مصطفى بن أحمد سبط الطنطاوي".

فمَن هذا «الطنطاوي» الذي نُنسَب إليه ونحمل لقبه؟ إنه جَدّ أبي لأمّه، وهو عمّ جدّي. وهاكم قصتَه من أولها.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>