إلى مفوضيته وأرسل برقية إلى حكومته واصفاً أعمال الفرنسيين بالطيش والحمق، وذكر عدوانهم على مجلس النوّاب وقتلهم حُرّاسه وقصف المدينة بالمدافع والطائرات ولجوءهم إلى إشعال الحريق بالدور وكسر أبواب المخازن ونهبهم البضائع وسرقتها وإطلاق الحُرّية لجنودهم بالاعتداء على الناس. وأكّد الوزير أن كلّ هذه الأعمال العدوانية لم يكن لها ما يبرّرها ولا هي متفقة مع شرائع الحرب ... إلى آخر ما قال خالد بك.
* * *
يومان ما أظنّ أنه مرّ على بلد من البلدان مثلهما؛ كان كل بناء وكل إدارة وكل قلعة أو حصن فيها جنود فرنسيون مصدرَ قتل وبلاء، كان كل الجنود حيثما كانوا يطلقون النار على الناس ... لم يبقَ بمنجاة من هذا إلاّ حيّ المهاجرين.
أما رئيس مجلس النوّاب فيقول خالد العظم في مذكّراته إنه كان في فندق الشرق، لم يستطع الخروج منه لأن الفرنسيين كانوا يُطلِقون الرصاص على الفندق ويسدّون مدخله فلا يَلِجه أحدٌ ولا يخرج منه أحد، فبقي معتصماً فيه حتى جاء وزير روسيا المفوض بسيارته يرفرف عليها علم دولته، فتوقّف إطلاق النار مدّة من الزمن، فانتهز سعد الله بك الجابري الفرصة وطلب من الوزير مرافقته بسيارته فخرجا معاً، وتابع معه سيره إلى بيروت حتى يُطلع حكومة لبنان على ما حصل بدمشق، وامتطى طيارة إلى القاهرة وأثار القضية على الملأ، فأدلى الرئيس مصطفى النحاس باشا بتصريح رسمي احتجّ فيه على موقف الفرنسيين وهدّدهم بنسف