للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البِدَع والمخالفات فإن النقشبندية أقلّها مخالفات وبدعاً. ولهم تَكايا، كل تكيّة منها أو رباط مدرسةٌ ومسجدٌ وفندقٌ ومطعم؛ تبقى مفتّحة الأبواب لكل قادم عليها، تعطيه ما يريد وتقدّم إليه ما يطلب: إن طلب العلم وجد فيها العلم، وإن كان مطلبه المنام والطعام وجد فيها الطعام والمنام.

وصلنا مسجد المدينة حين كان المؤذّن يدعو الناس لصلاة العصر فحضرناها معهم، فلما قُضِيَت الصلاة جلس الناس صفوفاً يستمعون للخُطَب التي جئنا نُلقيها عليهم تعريفاً بقضية فلسطين وشرحاً لحالها وحثاً على مساعدتها. ولكنني فوجئت بعَجَب ما كنت أتصور أنني أراه، ولقد شككت فيه وهو أمام عيني أبصره. ذلك أن كبار المشايخ استندوا إلى الجدران وأخرجوا دخائنهم (سيجاراتهم) الطويلة وشرعوا يدخّنون في المسجد! وبدا لي أن ذلك مألوف معروف عندهم لا يرون به بأساً، كما أن من المعروف (أو ممّا كان معروفاً) عند المشايخ في الشام حتى في الجامع الأموي أن يُخرج أحدهم علبة «النشوق» وفيها مسحوق «التبغ» فيشمّونه في المسجد، لا يستنكرون ذلك ولا يُنكِره الناس منهم.

وكلا الأمرين منكَر: التدخين وشمّ النشوق، ولكن العادات تُضعِف الشعور بالعمل وتصرف الذهن عن تقويمه والحكم عليه.

ألقيت أنا خطبتي وخطب الشيخ الصوّاف. ثم قام الشيخ أمجد، وهو قلّما يخطب، فكلّمهم بالكردية لأن أكثر الحاضرين من عامّة الأكراد الذين لا يعرفون إلاّ القليل من العربية، فخطبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>