للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم لايغضبون لأعراضهم ولا يعملون على حمايتها؟

* * *

لم يبقَ في الميدان إلاّ المشايخ. والمشايخ لم يكونوا صفاً واحداً إلاّ أياماً قليلة، ولا يزالون مختلفين. وهذه حقيقة يقطع ذكرُها القلبَ أسفاً وحزناً. ليس المشايخ على قلب رجل واحد، منهم الصوفي والسلفي وأتباع المذاهب والآخذون رأساً من الكتاب والسنّة والإخوان المسلمون وخصوم الإخوان المسلمين، وأتباع كل شيخ يتنكّرون للشيخ الآخر.

هؤلاء هم الإسلاميون العاملون، هذه حالهم، أمّا المشايخ الذين يَنظرون: كلّ حاكم ماذا يريد، فيفتّشون له في الكتب عمّا يؤيّد ما أراده ويجعلون ذلك ديناً، وأما المشايخ الموظفون الذين أهَمّتهم وظائفهم (أي رواتبهم) فلا يحرصون إلاّ عليها ولا يبالون إلاّ بها، هؤلاء وأمثالهم لا أتكلّم عنهم ولا أمل لي فيهم.

كان المشايخ الباقون في الميدان يجتمعون فيتشاكَون ويتباكون ثم لا يجدون (وأنا واحد منهم، يُقال عني كلّ ما أقوله عنهم) لا يجدون إلاّ أن يجمعوا صفوفهم فيراجعوا الرئيس أو الوزير، فلا تنفعهم المراجعة شيئاً. ويعلنون النصح للناس، ويجهرون بكلمة الحقّ من فوق المنابر، فيخرج الناس من صلاة الجمعة فيتحدّثون بما سمعوه ويُثنُون على الخطيب ويدعون له، ثم ينغمسون في حمأة الحياة فينسون ما قاله وما سمعوا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>