للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الذكريات فإذا أنا قد نسيت ما كنت أحفظه وأملأ المجالس بروايته، ولم أجد ورقة مكتوبة أرجع إليها. ومع ذلك فإني أشكر الله الذي ألهم الأستاذ زهير الأيوبي إلزامي كتابتها، فلأن أكتب منها أقلها خير من أن أفقدها كلها.

* * *

مشيت في دراستي من أول يوم في الطريقتين معاً، طريقة المشايخ وهي على الأسلوب الأزهري القديم، وطريقة المدارس النظامية التي سلكتها من أدنى الابتدائية إلى أعلى الجامعة، وأخذت من الاثنين خيرَ ما وجدته فيهما. ولكن الذي كان أجدى عليّ وأنفع لي منهما، أو هو في النفع مثلهما، هو المطالعة.

فأنا اليوم، وأنا بالأمس، كما كنت في الصغر؛ أمضي يومي أكثره في الدار أقرأ، وربما مر عليّ يوم أقرأ فيه ثلاثمئة صفحة. ومعدّل قراءتي مئة صفحة، من سنة ١٣٤٠ إلى هذه السنة ١٤٠٢هـ. اثنتان وستون سنة، احسبوا كم يوماً فيها واضربوها بمئة تعرفوا كم صفحة قرأت. أقرأ في كل موضوع، حتى في الموضوعات العلمية، بل والفنّية والموسيقية ... هذا غير النظر في الجرائد والمجلات.

وقد قابلتنا المشاقّ أول عهدنا بمكتب عنبر لأننا كنا في مطلع العهد العربي ولم تكُن لدينا كتب عربية مطبوعة، فكنا نصنع شيئاً لا يعرفه (بل لا يتصوره) الطلاب اليوم؛ هو أننا كنا نأخذ أمالي المدرّسين ممّن سبقنا من الطلاب فننسخها بأيدينا. ولقد كتبت آلافاً (آلافاً حقيقة لا مبالغة) من الصفحات، في التاريخ القديم

<<  <  ج: ص:  >  >>