للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لليهود الملاعين! وإن قلت ملاعين فما أشتمهم، بل أصفهم بما خبّر ربنا أنه فيهم {لُعِنَ الذينَ كفروا مِن بَني إسْرائيلَ على لِسانِ داوُدَ وعيسى بنِ مريمَ}.

لَعن الذين كفروا نبيّان من أنبيائهم. وكل ما بقي من بني إسرائيل اليوم هم من الذين كفروا، لأن القاضي الذي يحكم بقانون أُبطِلَ أو عُدّل ويرفض التعديل الذي أمر به من وضع القانون، هذا القاضي ينزلونه من قوس المحكمة إلى قفص المتهمين. وكذلك كل من اتبع شريعة رسول بعث الله رسولاً بعده يعدّلها أو يبطلها.

وصول هذا الرجل (واسمه بلفور) إلى دمشق كان الشرارة التي فجّرت برميل البنزين.

ما كان جمهور الناس يعرف بلفور الوزير البريطاني ولا وعده الذي تَحمل دولتُه وزرَه، وما كانت قضية فلسطين قد ظهرت وعُرفت وصارت القضية الكبرى. الذي عرف قصة هذا الوعد الآثم هم طلاّب «مكتب عنبر». لقد تساءلوا: مَن الذي أعطى هذا الرجل حقّ التصرف بفلسطين؟ كيف سوّغ له هذا شرفُه إن كان له شرف؟ كيف برّره له عقله، وله ولا شك عقل؟ وغضب الطلاّب، وزاد غضبَهم أن هذا الرجل سيزور الجامع الأموي.

كلا، هذا لن يكون! وخرجوا بالمظاهرة، وانشطرت المظاهرة شطرين؛ أما أحدهما فذهب إلى الأموي فأغلق أبوابه كلها، وأما الآخر فتوجّه إلى الرجل في فندق فيكتوريا الذي كان مقابل المصرف على الضفة الأخرى من بردى، وقد ذهب الفندق الآن ومشى فوق رفاته شارع، وركب ظهرَ الشارع جسرٌ يمر عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>