للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهجمون يرجمون الجنود بالحجارة، ولقد رأيت رجلاً أمسك بحجر ربما زاد وزنه على كيل، فقذف به من فوق الشجرات الكبار التي كانت في الشارع. فإذا كرّ عليهم الجند فرّوا، فإذا ولّوا رجعوا. فدخلت بين الناس علّي أعتذر أمام نفسي بأني شاركت الناس فيما هم فيه.

* * *

كان ذلك سنة ١٩٢٥، فاسمحوا لي أن أقفز إلى الأمام أربعة أعوام لأني لا أحبّ أن أدعكم اليوم وهذه الصورة هي صورتي في نفوسكم، إلى سنة ١٩٢٩ وأنا يومئذٍ في شعبة الفلسفة، وقد نجحت في امتحان البكالوريا.

بقيت على عزلتي إلى تلك السنة، فجئت يوماً فخُبّرت أن جماعة من الطلاب منهم أخونا الشاعر أنور العطار (رحمه الله) قد طُردوا من المدرسة ثلاثة أيام لأنهم خالفوا أمر المراقب وسهروا محتفلين بليلة النصف من شعبان، فلم أبالِ بالأمر ولم يبالِه إخواني. إن العقاب طفيف والسبب هيّن، والاحتفال بليلة النصف من شعبان لم يأمر به الدين ولم تَجرِ به السنّة.

ونمت في موعدي لا أفكر في ذلك، حتى إذا كان السحَر فإذا أنا بفكرة تسيطر عليّ بلغ من قوتها أن أيقظتني من منامي؛ هي أن أذهب إلى المدرسة صباحاً فأنتظر قرع الجرس للدرس، فإذا قرع وقفت على واحد من هذه المقاعد المحيطة بالساحة فخطبت أدعو إلى الإضراب أو يُعاد مَن طُرِدَ من الطلاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>