للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أختين فأحسن تربيتهما. وأنا قد ربّيت أختين وخمس بنات، وأسأل الله بكرمه أن يكون لي نصيب من هذه البشارة. وصرت -من بعد- أتوقع البنات لأني أيقنت أن الله جعلني من الصنف الأول.

أتدرون ما الصنف الأول؟ إن للموظفين تصنيفاً ومراتب ودرجات، فلا يملك موظف أن يعلو على مرتبته أو أن يصعد درجة فوق درجته. وكذلك جعل الله الناس أصنافاً؛ فالصنف الأول مَن رُزق البنات، والثاني من رُزق البنين، والثالث من رُزق بنين وبنات، والرابع من كان عقيماً (١). فليرضَ كلٌّ بما قُسم له، فالله إن أعطى غيرك في هذا الباب أكثر ممّا أعطاك فإنه يدّخر لك العِوَض من باب آخر، ومَن لم يجد العوض في الدنيا وجده في الآخرة، والآخرة هي الأبقى.

ولمّا صار عمرها أربعَ سنوات ونصف السنة أصرّت على أن تذهب إلى المدرسة مع أختها، فسعيت أن تُقبَل من غير أن تُسجَّل رسمياً. فلما كان يوم الامتحان ووُزّعت الصحف والأوراق جاءت بورقة الامتحان وقد كُتبَت لها ظاهرياً لتُسَرّ بها ولم تسجّل عليها. قلت: هيه؟ ماذا حدث؟ فقفزَت مبتهجة مسرورة، وقالت بلهجتها السريعة الكلمات المتلاحقة الألفاظ: بابا كلها أصفار، أصفار، أصفار ... تحسب الأصفار هي خير ما يُنال!


(١) كما في سورة الشورى (٤٩ - ٥٠): {يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إناثاً ويَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكورَ، أو يُزَوّجُهم ذُكْراناً وإناثاً ويَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقيماً} (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>