للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبازير ولا مشهّيات، فمَن صبر عليه استفاد إن شاء الله منه، ومن لا يصبر فليبتعد عنه وسيجد العوض في الحلقات المقبلات.

الفقه الإسلامي -يا أيها القراء- شيء عظيم ليس لأمّة في الدنيا مثله، لا أمس ولا اليوم. ولقد كان لروما قوانين وأبحاث حقوقية مدوَّنة، وفي الدنيا اليوم كلّيات حقوق وعلماء في الشرع (ولا تقُل في التشريع)، وفيه كتب لا تُحصى، ومحاكم فيها قضاة وفيها محامون علوا في منازل السموّ الفكري البشري، وتعمّقوا في البحوث وغاصوا فيها حتى استخرجوا الجواهر من أعماق الفكر ومن زوايا المجتمع ومن خفايا الضمائر.

ولكن ذلك كله لا يشبه الفقه الإسلامي ولا يقاربه. هذا كله للصلات المالية والحقوقية المادّية بين الناس. وإذا قلنا «الفقه الروماني» أو «الحقوق الرومانية» أو قلنا «الفقه القانوني الحديث» فإنما نقوله على نوع من التجوّز الواسع والتشابه البعيد؛ فالفقه الروماني والحديث غايته أن يكون موافقاً للقانون ليكون صواباً، والمؤيِّد له: الشُّرطي والضمير البشري، والشرطي قد يغيب فلا يَرى والضمير قد يغفل فلا يراقب. ومؤيِّد الفقه الإسلامي خوفُ الله الذي لا يغفل ولا يغيب ولا يخفى عليه شيء مما تصنع الجوارح وما يعتلج في القلوب والأفكار.

والفقه الإسلامي يشمل العبادات والمعاملات والمناكحات وأحكام الجنايات والعقوبات، أي أنه يبيّن لنا كيف تكون علاقة المرء بربّه وبأهله وبمن يعامله ومن يعيش معه؛ فهو دين بالمعنى الذي يفهمه غير المسلمين من كلمة الدين، وهو قانون مدني،

<<  <  ج: ص:  >  >>