للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسيت أن النيابة تستلزم شيئاً غير هذا لعله أهم منه ليس عندي؛ هو أن أفتح بيتي لمن أحبّ ومن أكره، وأسمع من القول ما يروق لي وما يعكّرني، وأمشي في حاجات الناس ما كان منها حقاً وما كان باطلاً، وألقى العدوّ بمثل الوجه الذي ألقى به الصديق، وأن يستبيح الناس وقتي كله ... وهذا ما لم أتعوّده ولا يمكن أن أتعوّده بعد الأربعين (وقد كنت في تلك السنة على عتبة الأربعين من عمري).

ولكن رغبتي القوية حجبت عني هذه الحجج المنطقية، وأنستني أن على طالب النيابة أن يُعِدّ لمعركتها المال الكثير، وأن يرسم لها الخطط المُحكَمة، وأن يكون له فئة ينصرونه ويؤيّدونه. ومالي أنا من ذلك كله شيء، ولكني أقدمت مع ذلك، فذهبت من فوري فأبرقت إلى محافظ مدينة دمشق أني رشّحت نفسي.

وجعلت أتتبّع أخبار الانتخابات. وكان قد صحّ عزم الشيخ حسن البنا رحمه الله، المرشد العامّ للإخوان، على أن يسلك بهم مسلكاً جديداً، فيقترب من الإصلاح عملياً للمشاركة في توجيه دفّة الحكم، وأحبّ -كما يبدو- أن يجرّب ذلك بمساندة مرشَّحي الإخوان في الشام على النجاح. فبعث بالأستاذ عبد الحكيم عابدين والأستاذ سعيد رمضان إلى دمشق، وكلاهما خطيب لا يُجارى وفارس من فرسان الكلام لا يُشَقّ له إن أقدمَ غبار، وإن كان بعض الناس يتكلمون فيهما، لا في بلاغتهما وأقوالهما بل في سلوكهما وأفعالهما.

ولبثت أنتظر النتائج وليس لي أمل في أن أنال مئة صوت. وكانت جريدة الإخوان المسلمين آلت رياسة تحريرها إلى خالي

<<  <  ج: ص:  >  >>