باديات ولا حانات ولا مُلهِيات، وكانت فيها المرأة لبيتها والرجل لأهله، وكان العلماء عاملين بعلمهم مُطاعين في قومهم، والحيّ كالبيت الواحد في تعاون أهله وتعاطفهم، والمساجد عامرة، والرجولة بادية، وأهل الدين لا يأكلون به الدنيا ولا يتخذونه تجارة ... فيا أسفي على دمشق ويا رحمة الله على تلك الأيام، أيام لم نكن نعرف من الدنيا إلاّ المتع الفاضلة والفضائل الممتعة، نلهو ونلعب ولكن لا كلهو فتية اليوم ولا كلعبهم؛ كان أقصى ما نأتيه أن نركض في الأموي، أو ننقسم عند المساء قسمَين فنقيم بيننا سوق حرب سلاحها المقالع والعِصيّ، وقد نُجرح أو نُكسر ولكننا نتعلم الرجولة والقوة، ثم نرجع متفقين.
(إلى أن قلت): فأين أيامنا في هذه المدرسة؟ وهل تعود تلك الأيام؟ وأين ذلك الشيخ الحبيب إلى كل نفس الجليل في كل عين، شيخ الشام ومعلّمها الشيخ عيد السفرجلاني؟
* * *
هذا كلام كتبته سنة ١٣٦٤ هجرية، فماذا أكتب لو أردت أن أصف الحال سنة ١٤٠٦؟ ماذا أقول وممّن أشكو وإلى من أشكو؟ إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.