للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشحم واللحم والدهن، ولا بدّ قبله من مشهّيات ومرغّبات.

لذلك عزمت على أن أجعل هذه الحلقة وقفة استراحة فأعرض فيها صوراً سريعة من ذكرياتي، يستريح القراء بها ويستعدّون للكلام على قانون الأحوال الشخصية.

* * *

دخلت الحرم مرة في رمضان فلم أجد مكاناً، لا أعني أنه كان ممتلئاً بالمصلّين، ولكن كانت الأمكنة محجوزة بالمصلَّيات، وكل من وضع سجّادة أو خرقة في موضع ظنّ أنه امتلكه، ومن الناس من راقبتُه من بعيد، فإذا هو يبسط سجّادتين أو ثلاثاً ويقعد على واحدة منها، فإذا جاء من يريد الصلاة في المكان أفهمه أن له أصحاباً.

ثم وجدت مكاناً فارغاً في الصف فوقفت فيه وأقيمت الصلاة، فإذا أنا برجل يخترق الصفوف يمرّ أمام المصلّين، وعليه ثوب يبدو أنه كان يوماً من الأيام أبيض، ثم تبدّل لونه على توالي الشهور وركبته الأوساخ على الأوساخ حتى لم يعُد له لون يُعرَف! ولم يكفِه ذلك حتى توضّأ من زمزم، ونضح الماء على ثوبه فابتلّ وصار ... تصوروا ماذا صار. ثم لم يَرُق له إلاّ أن يزاحم المصلّين وأن يحشر نفسه بيني وبين جاري، وكنت ألبس ثوباً أبيض أخذتُه من دار التنظيف قبل ساعة، فجعلتُ أضمّ ثوبي، وكلما رآني ضممته ظنّ أني أوسع له فازداد التصاقاً بي، حتى صرنا كما قال العباسبن الأحنف ... ولكن لا مكان هنا لأروي ما قال العباسبن الأحنف. وكان كلما ركع باعد بين رجليه لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>