للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغنّي له الأغنية المحبَّبة إليه، وذلك هو «الحُداء»، وللشعراء شعر كثير يذكرون فيه الحادي.

ورأيت في كراتشي حميراً صغاراً جداً، وهي قوية وسريعة، لا يجاوز حجمُ الواحد منها حجمَ الخروف الكبير ولكنه يجرّ عربة ويطير بها. ولقد قرأت وأنا صغير كتاباً مترجَماً عنوانه «خواطر حمار»، تَبيّن منه أن للحمار خواطر وأفكاراً. وقد ترجم بشار من قبل عن عواطف الحمار ووصف غرامه بأتان (أي حمارة): روى محمدبن الحجاج قال: جاءنا بشار يوماً، فقلنا: ما لك مغتمّاً؟ قال: مات حماري فرأيته في النوم فقلت له: لم تركتَني؟ ألم أُحسِن إليك؟ فقال لي:

سيّدي خُذ بي أتاناً ... عند باب الأصفهاني

تيّمَتني يومَ رُحنا ... بثناياها الحِسانِ

وبغُنْجٍ ودَلالٍ ... سلَّ جسمي وبَراني

ولها خَدٌّ أسيلٌ ... مثلُ خدّ الشَّيْفراني

فلذا مِتُّ ولو عِشـ ... ـتُ إذن طالَ هواني (١)

قال: فسألناه: ما هو الشَّيْفراني؟ فقال: هذا من لغة الحمير، فإذا لقيتموهم فاسألوهم (٢).


(١) خذ بي أتاناً: أي اطلب ثأري عند هذه الأتان. وثناياها: أي أسنانها. سلّ جسمي: أي أدخله بمرض السل.
(٢) في «الأغاني» أن بشّاراً كان يحشو شعره إذا أعوزَته القافية بالأشياء التي لا حقيقة لها؛ فمن ذلك أنه أنشد يوماً: «غنّني للغَريضِ ياابنَ قَنانِ»، فقيل له: مَن ابن قنان هذا؟ لسنا نعرفه من مغنّي البصرة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>