اجتمعنا في هذه الرحلة بنخبة كريمة من كبار قضاة مصر، استفدت من مجالستهم وتعلّمت منهم ما لم أكن أعلم من اجتهادات المحاكم الأجنبية ومن المباحث القانونية، وإن لم أجد عند مَن لقيت منهم اطّلاعاً واسعاً على الفقه الإسلامي.
جدّدتُ في هذه السفرة العهد بمن عرفته من رجال مصر، عند خالي محب الدين الخطيب في المطبعة السلفية، وقد عرفت فيها جماعة كالعالِم الجليل أحمد تيمور باشا والشيخ العلامة الخضر الحسين والشاعر أحمد زكي أبو شادي، ومن كانوا يومئذ شباباً مثلي فصاروا من بعدُ من أعلام الأدب وأرباب الكلام، كالأساتذة محمود شاكر وعبد السلام هارون وعبد المنعم خلاّف والدكتور الدردير.
وعند الأستاذ الزيات في الرسالة، كالأساتذة العقاد والرافعي والمازني وزكي مبارك، ومن قابلت عند الأستاذ أحمد أمين في لجنة التأليف والترجمة والنشر، ومن عرفته في مجلس الشيخ عبدالمجيد سليم ممن لست أحصيهم عداً.
وكانت تلك الزيارة آخرَ عهدي بمصر، ما زرتها بعدها ولا أعرف ماذا طرأ عليها وماذا تغيّر فيها.
وإن لي في العراق معارف وفي فلسطين وفي الأردن وفي باكستان والهند وأندونيسيا، وحول المراكز الإسلامية في ألمانيا وهولندا وبلجيكا، فهل يكتب الله لي أن أجدّد العهد بمعارفي في تلك البلاد؟