المسلمين، وكنت في فصل واحد في دار العلوم مع سيد قطب، وعرفت الشيخ البشير الإبراهيمي في مصر وفي دمشق وفي بغداد وفي القدس، وعرفت المودودي، ومحب الدين الخطيب خالي وأستاذي، والسيد الخضر الحسين شيخي وشيخ مشايخي، ومحمد محمود الصوّاف أخي وصديقي، ومصطفى السباعي أخي، وعصام العطار أخي وولدي. وعرفت بالسماع لا باللقاء النّورسي في تركيا، وممن لقيت الأستاذ علاّل الفاسي ولبثت معه أياماً في القدس وفي دمشق. والدعاة إلى الله كثير، ولكن مَن ذكرت من أبرزهم شخصية ومن أخلصهم إخلاصاً، ومن أسيَرهم ذكراً وأعمقهم أثراً.
وللصديق على صديقه حقوق أقلّها أن يأمره فيطيع أمره. فلما جاءني كتاب أبي الحسن فتحته لأرى ما فيه، فعلقت به وعكفت عليه أقلب صفحاته لا أستطيع أن أدعه، وكلما ازددت فيه إيغالاً ازددت به تعلقاً. وكنت أقرأ وأدوّن على صفحة بيدي ما يخطر على بالي من تعليقات أبني منها المقدّمة التي طُلبت مني، فأمضيت في ذلك خمس ساعات متصلات ما بسطت فيها رجلي ولا عدّلت جلستي، أكملت فيها جمع عناصر المقدمة. حتى إذا انتهيت منها تشهّدت وألقيت القلم، وقلت: الحمد لله، لقد فرغت. وأخذت كُداسَة (١) أوراقي التي سوّدتُها، أنظر فيها لأرى ثمرة تعبي وكدّي، فإذا أنا لم أصنع شيئاً!
البدوية تمخض اللبن ساعات لتستخرج الزبد منه فتملأ به