للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعجبك بعض فعاله؟

وها هي ذي لا أبدّل فيها شيئاً (١):

١ - مالت الشمس إلى المغيب، ولم يبقَ منها إلاّ خيوط تنفذ من بين قطع الغمام المتناثر حيال الأفق، تلفظ نفَسَها الأخير كما يلفظ نفَسَه هذا العامُ الراحل.

٢ - دنت قافلة الحياة السائرة في بيداء الزمن من محطّها، فتباطأت في سيرها وقاربت خَطْوَها، فأمسيت أشعر بطول هذه الساعات الباقية في عمر العام، ورحت أرقب عقرب الساعة المائلة أمامي فلا أراه يتحرّك، فضجرت وأحسست كأن هذا الفلك يدور وهو على عاتقي.

٣ - بعد ساعة واحدة يُتِمّ الفلكُ دورةً جديدة من دوراته التي لا تُحصى، فلا يترك بعدها إلاّ أنقاضاً مهدَّمة، وأجساداً محطَّمة، وقلوباً مهشَّمة؛ كأنما هو رحى تطحن الأمم والشعوب. ثم يخرج منها النداء أن: لِدُوا وابنوا وأمّلوا، ولكنْ للموت والخراب واليأس. بعد ساعة واحدة ينقضي هذا العام فتبتلعه هوّة الماضي، ويفتح التاريخ ذراعَيه ليضمّه إلى الأعوام التي مرّت قبله، ويولّفها رزمة واحدة ثم يلقيها في بحر الأبد، ثم تفنى عند جلال الله الباقي. بعد ساعة واحدة يدَع هذا العام مكانه من الوجود للعام الجديد، ثم يذهب فيتبوّأ مكانَه من عالَم العدم.

٤ - بعد ساعة واحدة تُختَم من هذا العام صفحة كُتب أكثر سطورها بدموع المظلومين، لتُفتح صفحة أخرى لا ندري عنها


(١) وهي منشورة في كتاب «هُتاف المجد» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>