للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا الوكيل يومئذ الأستاذ عبد الوهاب أبقاه الله، ولا وسّطت الأستاذ عبد الرحمن رحمه الله إلاّ كان الجواب بالإيجاب. وقد جاءني من أسبوع زوج بنتي الصغرى يذكّرني بأفضال الأستاذ عبد الوهاب عليه يوم نُقل (من غير رضاه) من جدة إلى الرياض قبل ثلاث وعشرين سنة، ولم يكن قد صار زوج بنتي، فكلّمت الأستاذ عبد الوهاب فلما اقتنع بأنه مظلوم أمر بإعادته فوراً.

وإذا كان الشيخ حسن رحمة الله على روحه أقربَ إلى اللين فإن الشيخ عبد الوهاب كان أدنى إلى الحزم، وكلاهما كان مع الحقّ وفي اجتماعهما التكامل. ولمّا كانت قضية إنهاء عقود طائفة من الأساتذة السوريين من أكثر من عشر سنين، بوشاية ما لها أصل تولّى كبرها ناسٌ لم يبقَ منهم أحد، منهم من فارق هذا البلد ومنهم من فارق الدنيا كلها غفر الله لهم وسامحهم، كلّمت الوزير الشيخ حسن، فكان منه ومن الأستاذ عبد الواسع أن أعادهم لمّا تبيّن له أن الحقّ معهم، وكان للأستاذ عبد الرحمن فضل كبير في ذلك.

كان الثلاثة دائماً معاً، وهم مَثَلٌ عالٍ للصداقة الصافية. ولمّا ولي الأستاذ عبد الرحمن إدارة مدارس الثغر زُرته فوجدت منه بعض اللين، فخِفت عليه -لا أكذب القراء- لأن سلفه رحمه الله كان موصوفاً ببعض الشدة من غير ظلم، وفي مدارس الثغر أبناء الأكابر وهم غالباً مدلَّلون يصعب قيادهم، وقد تعوّدوا على ما كان من سلفه، فكيف يقوم أودهم ويضمن طاعتهم؟ ثم تبيّن لي أنه ليس كل ليّن ضعفاً. وأنتم تعرفون مَثَل الفلاح لمّا كان عليه المعطف الثقيل فتنافسَت الريح والشمس أيهما يستطيع أن ينزع

<<  <  ج: ص:  >  >>