للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنواع الكثيرة ولكن بمقادير قليلة، والوكالة فيها الكثير الكثير ولكن النوع واحد أو هي أنواع معدودة.

هذا مثال العالِم المتخصص الذي قصر جهدَه على علم من العلوم فأحاط به وجمعه من أطرافه وغاص في أعماقه، والرجل الموسوعي (كما يُقال اليوم) أو الأديب (كما كان يُدعى قديماً)، وهو الذي أخذ من كل شيء بطرف كما دعاه ابن خلدون. هذا هو الفرق بينهما.

لمّا جئت الكلية امتحنت نفسي فوجدت أني إن لم أبلغ أن أكون من الصنف الأول فأنا ملحَق به، أستطيع تدريس علوم الدين وعلوم العربية، ولكن بقليل من الإعداد وبعد قليل من المراجَعة، وأمّا الذي هو أسهل عليّ وأحَبّ إليّ فهو الأدب والفقه.

أما الأدب فلأني كنت عاكفاً عليه عمري كله: اقرأ الشعر وأنقده وأفهمه وأحفظ منه الكثير، وقد بقيَت في ذهني إلى الآن بقايا تبلغ مئات ومئات من الأبيات المفردة والمقطوعات، وبعض القصائد المطوَّلات، لا أزال أحفظها وأرويها. ولي في شرحه للطلاب طريقة قلّ اليوم سالكوها لعلّي استفدتها من اثنين: من الأستاذ أحمد الإسكندري لمّا كنت أحضر دروسه في دار العلوم العليا (التي صارت تُدعى اليوم كلية دار العلوم) من ستين سنة كاملة، والشيخ عبد القادر المبارك الذي لم أرَ فيمَن قرأتُ عليه (وكنت تلميذاً له) ولا فيمَن رافقتُه في التدريس (وكنت زميلاً له) من كان في درسه حياة كحياة درس الشيخ المبارك.

ثم إنني درست أروع ما في الأدب الفرنسي: أدب كورناي

<<  <  ج: ص:  >  >>