فنبّهوني يكن ذلك التنبيه فضلاً منكم، واذكروا أن «العصا قُرِعت لذي الحِلْم». وأنتم تعرفون هذا المثل وقصته (١)، فإن لم تكونوا تعرفونه فاشتروا كتاب «مجمع الأمثال» للميداني واقرؤوا فيه شرح المثل، ولكن دعوا قصته فإن أكثر قصص الأمثال مصنوعة مركَّبة وُضعَت في الزمن الأخير.
والمدرسة الابتدائية الرابعة هي «مدرسة الميدان»(الذي كان يُدعى قديماً «ميدان الحصى»، وفيه الآن الحيّ الجنوبي من دمشق)، وكان يدرّس فيها الشيخ بهجة البيطار والشيخ زين العابدين التونسي والشيخ رفيق السباعي والأستاذ جميل سلطان.
وكانت هذه المدارس الأميرية قليلة، وكان إلى جانبها مدارس نصرانية قليلة أيضاً، وكان أكثر المدارس أهلية تضم جلّ أبناء البلد، ومنها ثانويات كبيرة أكبرها المدرسة التي دعوها «اتحاد وترقّي مكتبي إعدادي سي»(ومعناها في العربية: «مدرسة الاتحاد والترقي الإعدادية»، ولكن اللغة التركية التي كانت اللغة الرسمية في الشام تقدّم المضاف إليه على المضاف وتربطهما بلفظ سي) فترك الناس هذا الاسم الطويل ودعوها «المدرسة التجارية»، وكان يموّلها ويُنفِق عليها جماعة من أفاضل التجار، وكانت ثانوية وإعدادية وابتدائية، وكان لكل قسم من هذه الأقسام مدير والمدير
(١) زعموا أن ذا الحِلْم هذا هو عامر بن الظّرب العدواني، وكان من حكماء العرب في الجاهلية، فلما طعن في السن أنكر من عقله شيئاً فقال لبنيه: إنه قد كبرت سنّي وعرض لي سهو، فإذا رأيتموني خرجت من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا لي المِجَنّ بالعصا (مجاهد).