للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمّونه يوماً بأدب الحداثة ويوماً بالشعر المنثور ويوماً بالنثر المشعور (كما قال المازني رحمه الله مازحاً ساخراً لمّا سألوه عنه) ويوماً بقصيدة النثر، وكل ذلك من مظاهر العجز عن نظم الشعر البليغ؛ كالثعلب لمّا لم يصل إلى عنقود العنب قال إنه حامض.

واختاروا لهم ما يقوّي ملَكتهم العربية، لأن العربية والإسلام لا يكادان يفترقان. لقد حاقت بالعربية نكبات واعترضت طريقها عقبات ونزلت بها من نوازل الدهر المعضلات، ولكن ما مرّ بها يومٌ هو أشد عليها وأنكى أثراً فيها من هذا الأدب المزوَّر الذي سمّيتموه «أدب الحداثة». إنه ليس انتقالاً من مذهب في الشعر إلى مذهب ولا من أسلوب إلى أسلوب، ولكنه لون من ألوان الكيد للإسلام بدأ به أعداؤه لمّا عجزوا عن مسّ القرآن لأن الله الذي أنزله هو الذي تعهّد بحفظه، فداروا علينا دَورة وجاءونا من ورائنا. وكذلك يفعل الشيطان، يأتي الناس من بين أيديهم وعن أيمانهم ومن وراء ظهورهم. فعمدوا إلى إضعاف الإسلام بإضعاف العربية؛ إنها بدعة لم يسبق لها من قبل نظير (١)، إنها ردّة عن البلاغة كالردّة عن الإسلام التي كانت عقب انتقال الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى، ولكنها ردّة (كما يقول أخونا الأستاذ أبو الحسن الندوي): ردّة ولا أبا بكر لها.

* * *


(١) اقرؤوا كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام» الذي قدّم له الشيخ عبدالعزيز بن باز المفتي العامّ جزاه الله وجزى مؤلّف الكتاب خيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>