للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموي قد خُتم بقتل مروان، الذي كان يُدعى لصبره بالحمار مدحاً له لا ذمّاً وانتقاصاً. فلو أن روما سقطت يوم الجمعة فهل كان يوم الخميس قبلَها من القرون الأولى ويوم السبت من القرون الوسطى؟ ولو قُتل مروان يوم السبت هل يكون الأحد من العهد العباسي؟ إن من الشعراء من عاش في العهدين، نظم فيهما الشعر وقال فيهما القصائد، فهل القصيدة التي قالها بشار مثلاً في العهد الأموي تختلف بخصائصها وصفاتها عن التي قالها في العهد العباسي؟

الدنيا التي عاش فيها أبي ووُلدتُ فيها أنا وأكثرُ إخوتي ما زالت تنقص من أطرافها وتتغير معالمها حتى لم يكَد يبقى منها إلاّ أقلّ من القليل، وجاءت دنيا جديدة. فلو أن أبي بعثه الله من مرقده الآن لَما عرف كيف يمشي في دمشق ولا عرفه أحدٌ من أهل دمشق، ولغدا جاهلاً بها مجهولاً من أهلها، وقد كان علَماً من أعلام علمائها. ولرأى ولده سعيداً الذي تركه ابنَ ثلاثة أشهر صار في الخامسة والستين. ولقد غدونا كلنا -نحن الإخوة الأربعة وأختان لنا- كلنا صرنا أكبرَ سنّاً من أبينا ومن أمنا اللذين قضيا ولم يجاوز أكبرُهما الثالثةَ والأربعين. فهل رأيتم أو سمعتم بأولاد أبواهم أصغر سنّاً منهم؟

* * *

أنا إنما أنشأت هذا الفصل ليكون مقدّمة لكتاب من كتب أخي ناجي. وناجي وأخواه عبد الغني وسعيد كلهم أنبغ مني، ولكني خطفتُ الأضواء منهم كما يقولون في التعبير الحديث. دخلت

<<  <  ج: ص:  >  >>