للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرواحهم. في سبيل مَن؟ في سبيل الشيطان، لا في سبيل الحق ولا في سبيل الرحمن. فسدت من قبل الأخلاق في روما حتى اجتمع على العُري الكامل الرجال والنساء في الحمّامات، حتى تزوّجَت ابنة شيشرون أبي الوطن بأربعة رجال في وقت معاً. عمّ الجهل والظلام وسادت الدعارة والفسوق ...

إلى أن قلت: لم يعُد في بلاد الحضارة أمل ببزوغ الفجر المرتقب، فهل يبزغ من وراء الرمال، من بوادي الجزيرة؟ ووصفتُ حال العرب وكيف كانوا منشقّين على أنفسهم، متباينين في قبائلهم، لا راية تجمعهم ولا حكومة تُخضِعهم، حكمهم إلى سيوفهم، آلهتهم شتى وأربابهم أصنام، يخشون كسرى ويرجون قيصر، قبعوا في باديتهم وقنعوا بجزيرتهم.

إلى أن قلت: ثم كان أمر، وكانت عشيّة أو ضحاها فإذا الافتراق اتحاد، وإذا الضعف قوة، وإذا هذا الشعب الجاهل يحمل مشعل العلم، وهذه الجزيرة القاحلة تعنو لها أرض الجنان والأنهار وينهار أمام أهلها عرش كل ظالم جبار.

ماذا حدث؟ مَن هزّ هذه الصحراء الجدباء ومَن نفخ في هذا الشعب الجاهل فأخرج منهما أمة عالمة قوية كانت المثل الكامل للأمة الفاضلة؟ من الذي أزاح الله به الظلام عن الكون وأطلع به شمس الهداية والخير على الدنيا؟ قفوا، طأطئوا الرؤوس شكراً لله الذي أرسله رحمة للعالمين.

وقرنت كلمة «قفوا» بإشارة اليد الممدودة إلى القيام،

<<  <  ج: ص:  >  >>